8

لم يصدق «جارديني » ما سمع . لا بد أن مَن بعث ذلك الرجل يعرف عنه الكثير بالفعل . لم يُرهبه ما سمع عن أن الرجل يعرف ما فعل «جارديني » في باريس أو قبلها . ف «جارديني » من الدهاء بحيث لا يترك خلفه أثرًا واحدًا . كما أن أسلوبه يعتمد على استخدام غيره في العمليات ليبقى هو العقلَ المدبر القابع خلف الستار . لا يراه أحد ولا يشعر به أحد ولا وجود لأي دليل يشير لعلاقته بأي شيء . كان ماكرًا في التخطيط والتنفيذ . يعرف حتى كيف يغسل أمواله ليبدو للجميع أنها كلها من تجارة اللوحات .

«جارديني » محترف من الطراز الأول . يعرف أية لوحة لأي فنان وكم تساوي . أحيانًا يبيع لوحة بأضعاف ثمنها اعتمادًا على اسم مَن رسمها . يعرف أنه لا يوجد محقق أو شرطي سيعارضه في سعر لوحة . وهو الذي يتاجر في اللوحات الأصلية منذ ما يقرب من نصف قرن . قد يبيع لوحة ل «بيكاسو » ب 70 مليون دولار وهو يعلم أن سعرها 30 مليون دولار فقط . هذا الفارق قد يكون غطاءً لمكسبه من عملية أخرى أو لثمن لوحة مسروقة . وبالطبع لم يكن «جارديني » يعتبر هذه سرقةً . أحيانًا يسميها «اقتناءً » ، وأحيانًا أخرى يستخدم لفظ «استعارة ». وبالطبع ف «ماركو » يعرف كل ذلك بحُكم قُربه من «جارديني » وعمله الطويل معه .

«ماتا موا » كانت هي نفسها اللوحة المنتظرة في متحف «جارديني ». هي اللوحة التي ينتظرها الإطار الفارغ على أحر من الجمر . لم يتعجب «جارديني » كثيرًا أن الشخص الغامض ومَن أرسله عرفوا هذه المعلومة . فلطالما أعلن «جارديني » في المجالس وبين الأصدقاء وكبار تجار اللوحات أنه يسعى خلف هذه اللوحة . لم يكن الموضوع سرًّا بالمرة . الغريب أن ثمن هذه اللوحة يقترب من 40 مليون دولار، فمن ذا الذي اشتراها؟ وأية لوحة يريد؟ لقد طلب منه الرجل التأكد من صالة «كريستي » أولًا وبعدها يُعلن قراره . أمامه خياران : لو قَبِلَ المهمة فعليه أن يتأكد من وجود اللوحة الأصلية باسمه في «كريستي ». بعدها سيعرف كل المعلومات حول لوحة القاهرة، والمطلوب منه أن يأتي بها خلال أسبوع فقط . لو رفض العرض فعليه أن ينسى لوحته المفضلة إلى الأبد، فلن يراها بعدها أبدًا .

«جارديني » يعلم أن قبوله للمهمة تعني أيضًا أنه سيضطر لدفع بضعة ملايين من الدولارات لمساعديه وبعض العاملين معه . وكالعادة سيُسوي كل ذلك كأنه اشترى بعض اللوحات منهم . لكنه يدرك أيضًا أن مليونين أو ثلاثة من الدولارات تهون من أجل لوحته المُنتظَرة . قلبه مال بشدة لقبول العرض . نظريًّا وكالعادة فلن تكون هناك أية مخاطرة من جانبه . في الأغلب سيرسل مساعديه ويبقى هو خلف المشهد بلا أي دليل إدانة حتى ولو قبضوا على أحد مساعديه . وقد يذهب معهم إذا أحس أن الموضوع بسيط . وبالنظر لسجل «جارديني » الحافل ب «الاستعارات » فقد صارت معظم هذه العمليات بسيطة بالنسبة له . دائمًا ما يجد الثغرات في أعقد نُظم التأمين .

في عملية باريس التي أشار لها الرجل الغامض، أرسل «جارديني » «ماركو » لدخول متحف الفن الحديث . بعد أن درس المكان جيدًا أدرك أن هناك مكان وحيد ولحظة وحيدة . أما المكان فهو إحدى نوافذ المتحف حيث إن الكاميرا التي تُصور هذه النافذة لم تكن تعمل . وأما الزمان، ففي الليل، وتحديدًا خلال خمس دقائق أثناء تبديل ورديات الحراسة . يومها عاد «ماركو » بخمس لوحات تعدَّى ثمنها المائة مليون دولار . كانت تلك هي العملية الأكبر ل «ماركو » مع «جارديني ». بعدها قرر «جارديني » أن يتوقف تمامًا عن الاستعارة ويمارس نشاطه التجاري المعتاد . يبدو أن لُعابه سال الآن مرة أخرى عندما شعر بأنه اقترب من لوحة يريدها بشدة .

حُب «جارديني » الشديد لهذه اللوحة كان أعمق مما يبدو . ظل «جارديني » طوال عمره مُولَعًا ب «بول جوجان ». لم يكن مُولَعًا فقط ببعض، أو حتى كل، لوحاته ولكنه كان مُولَعًا بشخصيته . حياة «جوجان » الثرية كانت مصدرًا للإلهام ل «جارديني ». اقتنى عبر السنين الكثير من لوحاته وباع منها القليل . قرأ الكثير عن حياته حتى أنه عرف كل لوحاته، بل يكاد يجزم أين ولماذا رسمها . مع الوقت صار مهووسًا بانطلاق وحرية «جوجان ». ظل يراه مزيجًا من الجرأة والحرية والجنون . فمَن يترك وظيفة مضمونة ومربحة من أجل تجارة لوحات فهو غريب . ومَن يترك تجارة اللوحات ويبدأ برسم بعض اللوحات فهو فنان من داخله . ولكن مَن يترك زوجته وأولاده وأوروبا كلها للذهاب والعيش على جُزر استوائية نائية في المحيط الهادي فهو حقًّا مجنون !

عشق تمرده وجنونه . كلما اقتنى لوحة له شعر كأنه يتقدم له بالشكر على جنونه وفنه . صار «جارديني » يشعر أنه مَدين ل «جوجان ». لم يشعر «جارديني » بذلك الشعور مع أي فنان آخر اقتنى بعض لوحاته . لكل ذلك شعر أن عرضُ الحصول على لوحة «جوجان » عرضًا لا يُرفض . لا بد أن مَن أرسل ذلك العرض يعرفه جيدًا . قد يكون أحد أصدقائه . ظل كثيرًا يفكر ويسأل نفسه على طريقة «مايكل جاكسون »: «مَن هو؟ » ، أهو صديق لي؟ أهو أخي؟ هذا الشخص يعرف أنه لو عرض على «جارديني » الملايين لرفض . بالتأكيد هو شخص يعرفه حق المعرفة !

لم ينتظر «جارديني » طويلًا، فقد اتصل بصالة «كريستي » للمزادات وسأل إن كان هناك أشياء موضوعة باسمه . كان يعرف مدير الصالة معرفة شخصية جيدة . وبالفعل فقد كانت اللوحة هناك وباسمه ومعها شهادات موثقة تدل على أن اللوحة أصلية، وأنه تم بيعها لاسمه . رفض مدير الصالة الإفصاح عن الجهة التي اشترت اللوحة أو السعر أو غير ذلك من معلومات . أشار أن كل شيء باسم «جارديني » وفقط . دور الصالة الشهيرة مجرد الكشف عن مدى كون اللوحة أصلية من عدمه، وهو ما أكده مدير الصالة بشكل حاسم . شرح مدير الصالة أن الأوراق لديه تشير إلى أن «جارديني » اشترى اللوحة من المتحف الذي يملكها، وأنه طِبقًا للعقد ستحصل الصالة على مليونين من الدولارات نظير الكشف عن اللوحة ثم شحنها لمعرض سنيور «جارديني » بمجرد تسلم المالك لكامل سعر اللوحة . كما تَوَجَب على «جارديني » طِبقًا للعقد أن يرسل للمتحف لوحتين عن طريق صالة المزادات ذاتها .

فهم «جارديني » الموضوع . هناك مَن يريد لوحة القاهرة ويعرف أن «جارديني » يلهث وراء لوحة «جوجان » ؛ لذلك فقد خطط ذلك الشخص لشرائها باسم «جارديني » من المتحف الذي يمتلكها وإرسالها له بعد أن يحصل على لوحة القاهرة . فإذا حصل على اللوحة التي يريدها حول الأموال للمتحف الذي سيقوم بدوره بتكليف الصالة لشحن اللوحة . ولتكتمل الأوراق فستبدو أن العملية تبادُل لوحات لا أكثر . وهكذا يبقى الطرف الثالث في الخفاء ويحصل على اللوحة التي يريدها . لم تكن المرة الأولى التي يدخل فيها «جارديني » في مثل تلك الصفقات فهو يعرف جيدًا كيف تكون أوراقه وأوراق لوحاته سليمة وقانونية مائة بالمائة . كان أيضًا في استطاعته محاولة الوصول لذلك الشخص الخفي، ولكنه رأى أن ذلك سيهدر الوقت، وفي النهاية فقد يعرف الشخص وتفسد الصفقة .

كل ما سبق دار في ذهن «جارديني » في دقائق معدودة في بيته وأمام «ماركو ». وبعد أن تأكد من المعلومات وأن «ماتا موا » في انتظاره عاد واتصل بالشخص الغامض وطلب مقابلته مجددًا في «مقهى فلوريان » ليلًا ليعرف منه التفاصيل . أراد أن يكون الموعد في نفس الليلة كأنه يبعث رسالة بأنه قَبِل المهمة ولا يريد أن يضيع أي وقت .

في الموعد المحدد جلس «جارديني » في «مقهى فلوريان » مجددًا . جاء الشاب الأنيق بثقة أكبر هذه المرة .

- ما هي اللوحة التي يريدها صديقك؟

- لوحة ل «فان جوخ » اسمها «آنية وزهور » ، ومعروفة أيضا باسم «زهور الخشخاش ».

- أعتقد أنني أعرفها، لم أكن أعرف أنها في مصر . في أي متحف هي؟

- متحف اسمه «محمد محمود خليل وحرمه » على النيل في منطقة الجيزة .

- أريد كل المعلومات الممكنة عن هذا المتحف . مكانه بالتحديد . نظام التأمين ...

- لا يوجد أي نظام تأمين، هناك فقط بعض الحراس وأغلبهم غير مُسلح !

- أجهزة الإنذار والليزر؟

- لا توجد !

- كاميرات المراقبة؟

- أغلبها لا يعمل !

- هل تمزح معي؟ فليذهب صديقك ويأخذ اللوحة ببساطة ويخرج إذًا !

- سنيور «جارديني » ، بالفعل فالمتحف تقريبًا غير مؤمَّن، عندنا بعض المعلومات التفصيلية عن المتحف سأرويها لك . لن أستطيع أن أعطيك أية أوراق أو إرسال أي بريد بتلك المعلومات . الصعوبة أن ذلك المتحف يجاور قصرًا شديد الحراسة من قصور الرئاسة، ومن الناحية الأخرى مبنى حكومي آخر وأيضًا شديد الحراسة . الدخول والخروج سهل جدًّا أثناء ساعات عمل المتحف . أما بعد مواعيد العمل، فالدخول والخروج منه شبه مستحيل .

- أعتقد أنني أريد أن أرى المكان بعينيَّ .

نادى «جارديني » على المدير الليلي للمقهى وطلب منه نفس زجاجة النبيذ التي طلبها في الصباح . بعد أن أخذ الزجاجة شكر الرجل على المعلومات وعلى الزجاجة . بينما ظل الرجل في دهشة . التفت «جارديني » له مرة أخرى : - بما إنني لا أعرف مع مَن أعمل حتى هذه اللحظة فأبلغ صديقك أنني سأقتني لوحة القاهرة، لست مغرمًا بلوحات «فان جوخ » ، ولكن في نفس الوقت فبإمكاني وبمنتهى السهولة أن أبيعها . أبلغ صديقك أنني أنا الذي سأحدد اللحظة التي ستكون لوحة القاهرة معي وسأبلغه بها . في هذه اللحظة أريد لوحة «جوجان » أن تكون هنا في البندقية وباسمي . سأبلغك لاحقًا بالتفاصيل . لو كانت اللوحة موجودة فسأرسل له لوحة القاهرة . لو لم تكن موجودة فسأرسل لوحة القاهرة لبعض أصدقائي أنا .

- شكرًا سنيور «جارديني ». تأكد أن لوحتك موجودة وستحصل عليها فورًا بعد الحصول على لوحة القاهرة .

- شكرًا على زجاجتَي النبيذ، لقد تسلمتُ مُقدم العقد .

بدأ عقل «جارديني » يعمل بسرعة مذهلة . أمامه أسبوع . كان عليه السفر للقاهرة لرؤية المكان واللوحة . وفي نفس الوقت فقد اعتاد أن يسافر قبل العملية بيوم أو اثنين فقط . كان يريدها رحلة سريعة . قرر أن يمضي معظم الوقت في جمع المعلومات والتخطيط . بالطبع فقط بدأ بالإنترنت وخرائط «جوجل » وصوره . تمكن أن يرى بوضوح المتحف والمنطقة كلها . وبدأ البحث على الإنترنت عن المتحف ومقتنياته وتاريخه . عرف يومها «جارديني » من تحقيق طويل منشور بإحدى الصحف المصرية أن نفس تلك اللوحة تمت سرقتها ثم عُثر عليها بعد عشر سنوات .

كانت قصة سينمائية عجيبة حدثت في مصر في السبعينيات . وقتها سُرقت نفس اللوحة من نفس المتحف . بعدها بسنوات سَمَح أحد الضباط في أحد السجون المصرية لابن أحد المساجين بزيارته . وأكرم الضابط الابن الصغير واشترى له قطعة من الشوكولاتة . فرحة الطفل بالشوكولاتة أثَّرت بشدة في والده الذي طلب من الضابط أن يتحدث معه على انفراد . أخبر السجين الضابط أنه هو مَن سرق اللوحة، وأنه مستعد لإعادتها مرة أخرى ليساعد الضابط في الحصول على ترقية جراء حُسن معاملته للسجين وابنه . وبالفعل أرشد السجينُ الضابطَ لمكان اللوحة عند أخيه في حقيبة بالكويت . سافر ضابط أمن للكويت وتم استعادة اللوحة . ومما لفت انتباه «جارديني » في القصة أن اللوحة سافرت للعرض في معرض بباريس حيث تم التأكد من كونها أصلية وختمها بذلك . تأثر «ماركو » كثيرًا بالقصة بعد أن حكاها له «جارديني ».

- «ماركو » حتى بعد 50 سنة لو أعطى ضابطٌ علبة شوكولاتة كاملة لابنك فأنت لا تعرف شيئًا عن اللوحة ولا المتحف .

- أعتقد أنه بعد 50 سنة سيكون ابني كبيرًا جدًّا على الشوكولاتة سنيور «جارديني ».

- بل ستكون أنت كبيرًا جدًّا على السجن، وغالبًا أنا سأكون سعيدًا في قبري، قل لهم ما شئت !

قضى «جارديني » اليوم التالي كله في البحث والتحليل والتخطيط حتى وصل لخطة معقولة . أخبر «ماركو » أنه يريد أن يسافر للقاهرة بصفته من أكبر تجار اللوحات في أوروبا بحجة توظيف مساعد يفهم في الفنون .

- ولماذا تُعَيِّن مساعدًا مصريًّا وأنت تعمل غالبًا في أوروبا؟

فكر «جارديني » قليلًا ووجد أن «ماركو » على حق .

- ولكنني أريد أن أسافر تحت أي غطاء مما يسمح لي أن أُقابل فنانًا مصريًّا يأخذني في جولة بالمتحف وكأنني سائح . المشكلة أنني أريد شخصًا يعرف الكثير عن الفنون وليس عندي أي وقت للبحث . يجب أن نسافر فورًا .

- عندي لك حل عبقري .

- لا أعتقد أن لديك أية حلول عبقرية ولكن قل بسرعة .

- «داريا لوتشي »!

- مَن «داريا » هذه أيها الفيلسوف الصغير؟ أهي صديقتك الجديدة؟

- «داريا » هي مديرة أجنحة الشرق الأوسط ب «بينالي » البندقية . أنا متأكد أنك تعرفها أو قابلتها من قبل . هي صديقة عزيزة وقديمة لي . «بينالي » العام المقبل فيه أجنحة من كل أنحاء العالم، وفي كثير من الأحيان ف «داريا » توظف معها فنانين من كل أنحاء العالم . منذ عدة أسابيع أعتقد أنني سمعت «داريا » تقول إنها ستسافر للقاهرة للاتفاق على الاستعانة بفنان مصري في ال «بينالي ». نستطيع أن نقول لها إننا مسافران للقاهرة للسياحة، ونريد أن يصطحبنا أي فنان مصري لبعض المراكز الفنية أو المتاحف .

- فكرة جيدة، ولكن لو طلبنا أن يصطحبنا فنان مصري لمتحف معين قبل أيام من اختفاء لوحة فيه فسوف تحوم حولنا الشبهات، أنا أرى أن تسألها سريعًا إن كانت تنوي بالفعل أن توظف فنانًا عربيًّا للعمل معها . لو أن ذلك صحيحًا اقترح عليها أن أسافر معها لمقابلته واختباره، البندقية كلها تعرفني وسوف توافق فورًا . وهناك سنختبره . موضوع المتحف سيأتي ببساطة، اترك الموضوع لي .

انطلق بعدها «ماركو » من بيت «جارديني » لمكتب «داريا » في مقر «بينالي » البندقية . ذلك المكان الذي يُعد قِبلة للفنانين من أنحاء العالم . حيث يقصدونه كل عامَيْن لحضور واحد من أهم المعارض الفنية في العالم . كل العاملين في ال «بينالي » ، بل وكل أهالي البندقية يعرفون «جارديني » تمام المعرفة . فهو بمثابة الأستاذ الكبير والفنان العظيم . الجميع يسمع عن مجموعته الكبيرة من اللوحات، وقد سبق له أن عرض بعض مقتنياته في ال «بينالي » ؛ لذلك فهو يحظى باهتمام وتقدير الكل . بعد ساعة واحدة جاءت المكالمة ل «جارديني » من «ماركو » بالبشرى السعيدة .

- لن تصدق، «بينالي » البندقية بالفعل يحتاج لفنان عربي يُشرف على بعض أقسام ال «بينالي » في العام المقبل، وقد أرسلت «داريا » بالفعل منذ شهر لكلية الفنون الجميلة في القاهرة تطلب السيرة الذاتية لأهم فناني الكلية . وبالفعل فقد استقرت على ثلاثة، وهي بالفعل تستعد لمقابلتهم خلال شهور .

- شهور؟ قل لها المقابلة بعد ثلاثة أيام فقط، وإنني سأقابلهم معها . ولا تقل لها أي شيء آخر .

- بالطبع لا، «داريا » مجرد صديقة عزيزة و ...

- «ماركو » ، «ماركو » ، ذَكِّرني منذ متى تعمل معي؟

- سنيور «جارديني ».

- هيا هيا، ذَكِّرني .

- تسع سنوات .

- بعد هذه السنوات، لو فرضنا أن هناك شيئًا واحدًا فقط أريدك أن تتعلمه جيدًا مني، أتعلم ما هو هذا الشيء؟

- أشياء كثيرة سنيور «جارديني » ، كثيرة جدًّا .

- لا يوجد في عملنا أي مجال لا للعواطف ولا للصداقة، العواطف والصداقات في حياتك الخاصة، أما علاقات العمل فهي فقط للعمل، وبالمناسبة، لا تُكثر الكلام معها، فمَن يُثَرْثِر كثيرًا يُخطئ كثيرًا . أخبرها أننا سنُسافر معها للقاهرة فورًا .