(12)

كان الأستاذ تحتمس قد ترك منزل أخته أنطوانيت قبل عام على إثر مشادة مع ابنها الأكبر سمير الطالب بكلية الصيدلية. كان يشارك سمير ومراد أخاه فى غرفتهما. منزل أنطوانيت يحتوى على أربع غرف وصاله ومرافقهم. فى وجود أربعة أبناء يضيق المسكن بقاطنيه. يشارك مراد، الطالب بالثانوى، أخاه سمير فى إحدى الغرف، بينما تشترك الأختان سماح، الطالبة بكلية العلوم، وتريزا بالإعدادى فى غرفة أخرى. مع غرفة نوم أنطوانيت وزوجها أسعد أفندى لا تتبقى سوى غرفة الضيوف المغلقة دائمًا. تتوسط مائدة الطعام صالة المنزل وأمامها البوفيه الصغير الذى يعلوه دولاب الفضية.

منزل يقطنه ستة أشخاص بالإضافة إلى منيرة الشغالة، كيف يستطيع أن يستقبل ضيفًا كالأستاذ تحتمس، بالإضافة إلى كلبته لوليتا؟. لكنه حنان الأخت أنطوانيت الدافق. فى كل مرة يأتى إليهم الأستاذ تحتمس بعد إحدى مغامرات اختلافاته مع الإخوة أو الزوجة، تقف الست أنطوانيت بحزم أمام اعتراضات ابنها سمير على ضيافة الأستاذ تحتمس وكلبته لوليتا.

الأستاذ أسعد زوج أنطوانيت رجل طيب رغم حزمه الواضح وقوة شخصيته الأخاذة¼ يكتفى فى العادة بوضع بعض الضوابط والاشتراطات لقبول استضافة الأستاذ تحتمس وينتهى الأمر. يواظب الأستاذ تحتمس فى البداية على احترام ضوابط الأستاذ أسعد وتعهداته له ثم ما يلبث أن ينزلق تدريجيًّا إلى طبائعه المعتادة التى لا يستطيع لها ردًّا.

الأبناء لا يريدون الكلبة بالمنزل وتريزا الصغيرة تخشاها. فى المرة السابقة كانت لوليتا أحد أسباب الاختلاف بين الأستاذ تحتمس والأسرة. الأسرة تريد أن تمكث لوليتا بغرفة السطح والأستاذ تحتمس يعترض على تركها وحيدة، خاصة فى برد الشتاء القارس. لا يستطيع أن يستوعب عدم قدرتهم على ملاحظة طيب معشرها. تمنى فى قرارة نفسه لو كان يمتلك سكنًا خاصًّا لاكتفى بلوليتا عن كل هؤلاء القساة المأفونين.

اضطر الأستاذ تحتمس أن يرضخ فى النهاية ويوافق على إقامة لوليتا بغرفة السطح. ماذا يستطيع أن يفعل وهو ضيف عليهم. اشترط على أنطوانيت أن تفرش لها بطانية ثقيلة لتنام عليها. الدنيا برد ولا يمكن أن تنام لوليتا على البلاط. تم مناقشة هذه الأمور بالتفصيل فى اليوم التالى لمقدم الأستاذ تحتمس مطرودًا هو ولوليتا من منزل أخته مارجريت أثناء تناول وجبة محشو الكرنب الشهية بعد عودة أسعد أفندى من عمله بوزارة الصناعة.

أنطوانيت طباخة ماهرة والكل يجمع على أن نَفسَها حلو فى الطبيخ. طلب منها الأستاذ تحتمس فى الصباح أن تطهو لهم أكلة محشو كرنب، قال لها إنه يشتهيها منذ مدة، نفسه فيها، نزلت أنطوانيت من فورها إلى السوق واشترت كرنبتين كبيرتين وشرعت بمجرد عودتها فى سلق الكرنب وتحضير الخلطة. فى المساء، فكر الأستاذ تحتمس أن يذهب إلى جزيرة بدران لإحضار العود وحقيبة ملابسه. عدل عن الفكرة لأنه لا يريد أن يواجه مارجريت الزفت وقرر الذهاب صباح اليوم التالى عندما تكون قد غادرت المنزل إلى المدرسة.