(1)

سانتا كروز لا يأتي قريتنا

يجوب «بابا نويل» القرى المحيطة بنا.. يوزع هداياه.. ويلقي بابتسامته في وجوه الصغار.. يحمل جوالا مليئا بالأمنيات والأحلام.. ينثرها في عيون المحرومين والمعذبين والفرحين بقدوم العيد.

لكننا لا نحتفل بالميلاد.. فمعظم أيامنا ممات.. تولد الأطفال لتحمل هم الكبار وآلامهم.. وعندما يكبرون ويصير الحلم أغنية وقصيدة بطعم العسل واللبن.. يأتي الموت ليزرع في قلوبنا الصبار.. حتى أن سانت كروز لا يأتي قريتنا.. ورغم أنها ليست بعيدة.. ومتلاصقة ومتلاحمة بالقرى الأخرى.. لكنه لا يأتي..

أحيانًا يسمع الأولاد في قريتنا.. ضحكات الصغار في القرى الأخرى، فقريتنا قريبة جدا..ويتساءلون لماذا لا يأتي العيد عندنا؟ فأصواتنا وأصواتهم لا تجتاز الحدود..

ينتظر الصغار أياما طويلة مستبشرين بقدومه، لكنه لا يأتي..يسحب الليل ستائره الداكنة في انكسار، وتفرد الشمس أشعتها في خشوع، ويمضي العيد ويرحل بعيدا، ولا خبر يأتي.. وعلينا الانتظار عام جديد، ربما يخشي «بابا نويل» أسوار قريتنا العالية.. أو أسلاكها الشائكة، فهو يؤثر السلامة من أن ينكل أو يركع أو يستوقفه البعض طالبا منه إبراز هوية، ربما تخيفه مشاهد الدماء، والنسوة المرصوصات على بوابات القرية في انتظار الفرج الذي لا يأتي.. فلماذا يفرق بين القصور والخيام، بين المقيدين والطلقاء، بين الأحياء والأموات، ولماذا يرفض سكب الطمأنينة في صدور المكلومات، كان الوحيد القادر على حل هذا اللغز المحير والمزعج، لكنه لا يأتي قريتنا؟! رغم أنها ليست بعيدة..